اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : الزحيلي، وهبة الجزء : 1 صفحة : 56
والوجود كله من غير سابقة شيء، ولا استعانة بأحد، إذا أراد أمرا، أوجده في الحال من غير امتناع ولا إباء.
ومن كان هذا شأنه، فلا يحتاج إلى الوالد والولد، ولا يشبهه شيء من خلقه، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، ولا يوجد شيء من جنسه في الوجود، هو الله الواحد الأحد، الفرد الصمد (المقصود في الحوائج على الدوام) لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد.
هذا ما يقرره العقل الإنساني في أبسط محاكماته، فهل يعقل أن يتخذ هذا الإله ولدا له من خلقه؟ وهو خالق الخلق المتصف بالكمال والمنزه عن كل نقص، وهو الرّازق المنعم عليهم بجلائل المنعم وصغائرها، وإن أساؤوا له وجحدوا به،
روى البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النّبي صلّى الله عليه وسلم قال: «ليس أحد أصبر على أذى سمعه من الله، إنهم ليدعون له ولدا ويجعلون له أندادا [1] ، وهو مع ذلك يعافيهم ويرزقهم» .
لذا ارتكب بعض البشر خطأ كبيرا حين نسبوا إلى الله الولد، فهذا مجرد ادّعاء أجوف، وحين طلبوا أن يكلمهم الله مباشرة كما يكلم الملائكة وموسى عليه السّلام استكبارا منهم وعتوّا وعنادا، وطلبوا أن تأتيهم آية مادّية محسوسة استخفافا منهم بآيات القرآن البيّنات، فهذا من الافتراءات الكاذبة، تنزه الله عن طلبهم، وأبان الآيات أحسن بيان وأتمه، ولكن لا يفهمها إلا العقلاء المنصفون.
ردّ الله تعالى على هذه الادّعاءات الفارغة والافتراءات الواهية، فقال سبحانه:
[سورة البقرة [2] : الآيات 116 الى 120]
وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (116) بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117) وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118) إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (119) وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (120)
«2» «3» [1] نظراء وأمثال. [2] تنزيها له تعالى عن اتّخاذ الولد وكل ما لا يليق به. [.....]
(3) منقادون خاضعون.
اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : الزحيلي، وهبة الجزء : 1 صفحة : 56